الصقحة\5 من يومياتي في 1973
( وتعظم في عين الصغير صغارها----وتصغر في عين العظيم العظائم )
( قومٌ اذا استخصموا كانوا فراعنة -----يوما وان حكموا كانوا موازينا )
(ان الزرازير لما طار طائرها -------توهمت يوما انها صارت شواهينا )
شريط من الذكريات يمر بخاطري مر السحاب وانا اقلب صفحات الطفولة في مدرسة المتوكل الابتدائية للبنين في منطقة باب الشيخ حيث كنا نصطف في الساحة المدرسية لبيت قديم في احدى ازقة باب الشيخ القديمة...ليقف في وسط الساحة مدير المدرسة انذاك(الاستاذ احمد العاني) والذي كان يتمتع بقامة طويلة ومنكبين عريضين وصوت يزمجر كصوت الاسد مهيب الطلعة نفر من امامه كالقطعان اذا حادها الذئب..والكل في صمت تام يطلق الايعاز العسكري الاول (ثابت) فنبرز الصدور الى الامام ونضع الايدي الى الخلف بحركة نشيطه وسكون تام ويطلق الايعاز الثاني (استاعد ) فتدمدم الارض تحت وقع اقدامنا وتهتز الجدران حين نطبق حركة الاستعداد بقوة ويأتي الايعاز الثالث (استريح ) فنطبق الحركة بقوة اكبر...حتى اذا اطمئن الى حركاتنا ونشاطنا ..جاء ايعاز (النشيد ) فتنطلق الحناجر ( لاحت روؤس الحراب-- تلمع بين الروابي--هاكم وفود الشباب-- هيا فتوة للجهادي---يا امنا كفي الدموعا --وانتضري للرجوعا ---نادت بلادي جميعا --هيا فتوة للجهاد ...) ترعرعنا على هذا السياق لمدة ستة سنوات متتالية وهو عمر الدراسة الابتدائية لانتعب ولا نكل ونتغذى الروح الوطنية من افواه المعلمين وحكايتهم الجميلة عن تأريخ العراق العظيم...وصلنا الى ( ناظم الورار) حيث استطعنا ان نعبر ونتجه الى محور (رمادي--المحمديات-- الرطبة ) استقبلنا حشد من الطلاب والطالبات يصفقون ويهزجون اهازيج الفرح ويلوحون بأيديهم الينا مودعين ( حلو يامجد يامالي قلوبنا --حلو يانصر ياكاسي رايتنا-- حلو ياوحدة يا جامعه شعوبنا-- حلو يااحلى نغم في حياتنا--يانغم ساري من المحيطين ---من مراكش للبحرين) فتزداد المعنويات حدها الاقصى وتنحبس الدموع في مأقيها وانا انظر الى اهلي وصحبي يقفون امامي مودعين......وللحديث بقية اخوتي الاعزاء .....
0